فيرغسون.. موسيقار الأولدترافورد

بعيدا عن كل شابكة وعلاقة بما يحدث بالدوري الانجليزي من جهة ملاحقة مان يونايتد لكتيبة ارسنال وبعيدا عن حظوظ شياطين فيرغسون من حيث المحافظة على اللقب، فالحديث هنا مقصور عزيزي القارئ على شخص السيراليكس فيرغسون من جهة سعة افقه التكتيكي، فربما تجري فكرة في عقول البعض تنال من قدر ذلك المدرب القدير، وترتكز تلك الفكرة على أن طول الفترة التي قضاها فيرغسون مع المان يونايتد تجبره على تحقيق الانجازات، ويرددها بعض الأشخاص متفكهين أو متهكمين بقدرة ذلك الأسكتلندي، وتلك شبهة ليست ذات علاقة بالحقيقة ولم أجد ما هو أوهن منها وأهون من ازالتها، وقبل أن أخوض حديثا في ذلك لا أجد بدا من استعراض فكرة الوتر الواحد التي رددها مشجعو أحد الأندية الانجليزية الكبيرة مستهجنين رتابة أداء الفريق في غير موسم وتعتبر مقولة الوتر الواحد كناية عن ضعف ورتابة النسق الفني للفريق ومحدودية الجمل التكتيكية، فأغلب الجمل تكون معادة ومحفوظة دون تجديد وهذا ما أشعل غضب هاتيك الجماهير وليس من يعزف على وتر كالذي يترنم بها جمعاء. الى ذلك فاننا لابد أن نسقط تلك الفكرة على فيرغسون حتى تتبين الرتابة أو تتعين المرونة وفق ما يتضح من وقائع، فالمتابع الممحص لنادي مانشستر يونايتد خلال العقود العشرة الاخيرة يرى أن مسرح الأحلام قد شهد عدة فصول تكتيكية تمت صياغتها بيد اسكتلندية استمتع بها المشاهدون فضلا عن مشجعي الشياطين ففي موسم 1998كان الهيكل التكتيكي للفريق مبنيا على خطة 2ـ4ـ4 وبتواجد رأسي حربة هما اندي كول ودوايت يورك ولقد أحكم فيرغسون قبضته التكتيكية على الدوري الانجليزي بفضل تلك الخطة معتمدا على تمركز هذين المهاجمين في منطقة الجزاء واستغلال الكرات العرضية من الجهة اليمنى بقدم بيكهام السحرية ومهارات الويلزي غيغز الفنية من الجهة المقابلة. وبالرغم من ان تلك الطريقة كانت كلاسيكية الا أنها أتت أكلها بثلاثية أوروبية نقشت اسم السير فيرغسون على جدار الأولدترافورد وكان مفاد تلك الخطة هو حصر دفاعات الخصوم بمنطقة الجزاء لتمركز رأسي الحربة، وبعد موسمين على التقريب نشبت بعض المشاكل في الفريق واستغنى فيرغسون عن خدمات بيكهام ودوايت يورك واندي كول وهم بمثابة حجر الزاوية لتلك الخطة وتردد ساعتئذ أن السير الأسكتلندي يمر بأزمة تكتيكية غير أن ذلك المدرب فاجأ الجميع بطريقة جديدة وهي 1ـ5ـ4 كانت عسيرة الهضم على الجميع. فأحد لم يستوعب ذلك التباين أو يتخيله فالطريقة كانت مختلفة تماما ونجح الهولندي رود فان نيستلروي من الدور المطلوب منه بكل اجادة والسر في ذلك هوحسن استغلال مهارة البرتغالي رونالدو والزيادة العددية في خط الوسط واستطاع فيرغسون لفرط نبوغه التكتيكي أن يرسخ تلك الصورة التكتيكية 1ـ5ـ4 في اذهان الجميع. ولعلك عزيزي القارئ قد لاحظت الفرق بين الهجوم براسي حربة وما يترتب عليه من تكتيك والاعتماد على رأس حربة، واحد بتكتيكه المختلف وحقيقة أنني لم أتخيل ذلك الذي يفعله الأسكتلندي مع الشياطين هذا الموسم فبعد الاعتماد على رأسي حربة أتحفنا فيرغي بنستلروي وحيدا في المنطقة الا ان خط هجوم المان يونايتد هذا الموسم يخلو من مركز رأس الحربة تماما وذلك لايكون الا في عقلية فيرغسون اللا محدودة. فلقد رسم السير الأسكتلندي رسمة تكتيكية تبدو ملامحها الفنية على النحو الاتي: ترتكز خطة الشياطين الهجومية على سحب دفاعات الخصم خارج منطقة الـ 18وذلك لاستغلال مهارات الثلاثي رونالدو وتيفيز وروني، فعدم تمركز روني وتيفيز في الامام يمنح رونالدو سهولة الاختراق وقد أثمرت تلك الطريقة عن تربع البرتغالي حتى اللحظة على قمة هدافي الدوري. فابتعاد روني وتيفيز عن منطقة الجزاء، يجبر دفاعات الخصوم على الخروج من منطقة الجزاء وذلك مبلغ التكتيك الاسكتلندي فمعظم لاعبي الشياطين من اصحاب الصبغة الهجومية والممزوجة بالمهارات الفنية لذلك يسعى فيرغسون لسحب دفاعات الخصوم، ولكي يتم الولوج في منطقة الجزاء بدون رقابة المهاجمين..الى ذلك فتلك طرق تكتيكية مختلفة أتحفنا بها المدرب القدير فيرغسون على مدى عشر سنوات واعتقد غير ظان بأن فيرغسون يخفي لنا الكثير.